هذا البحث هو محاولة لتحديد خصائص بيوت الحفر، التي تتدرج تاريخيا ضمن العمران البشري الموجود في منطقة الجبل الغربي وخصوصا في منطقة غريان ذلك من خلال تحديد الخصائص الفضائية والإنشائية الشكلية وصولا الي الاستنتاجات والتوصيات المرتبطة مع الخصائص وذلك لأن الفكر الإنساني يمكن أن يفيد في إعطاء حلول آتية ومستقبلية وإن كان موجود في عين المكان والزمان الحالي، وقد تم ذلك من خلال الزيارات الموقعية والأسئلة التي وجهت للساكنين بهذه البيوت سابقا .

إن الباحث عن إجابات الأسئلة السابقة وغيرها، يجدها في سجلات محكمة غريان الشرعية م خلال المواضيع التي طرحت بها علي شكل قضايا وقد تناولت هذه السجلات موضوعات متعددة منها: عقود المقاولات التي تفيد من طرف دائرة الرسوم كالوكالة، ومبايعة أملاك منقولة وغير منقولةـ وتركة وعقود وإيجار ورهنيات وشركات، تعهدات وإبراءات ، وتأمينات وصدقات وغيرها من الموضوعات الأخرى التي تخدم أي دارس في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي معتمدا علي سجلات المحكمة الشرعية كمصدر أساسي لدراسته.

0

تمثل محكمة غريان الشرعية في العهدين الإيطالي والإدارة الإنجليزية مصدرا مهما لدراسة التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للمدن الليبية في تلك الفترة، وهذا البحث محاولة لتوضيح قيمة تلك السجلات كمصدر تاريخي لدراسة تاريخ ليبيا الحديث والمعاصر.

يتناول البحث عدة محاور هي: السجلات وأهميتها , ومواصفاتها.

واذا كانت دراسة سجلات محكمة غريان الشرعية وتقييم أهميتها التاريخية مسألة غير مسبوقة. علي حد علمنا فإن الامر ليس كذلك بالنسبة لمثيلاتها من سجلات المحاكم في العديد من المدن العربية والليبية المهمة الاخرى. فمنذ حوالي ربع قرن والمؤرخون العرب يوجهون الاهتمام الي هذه الوثائق المحلية المهمة، والتي تتجاوز مئات السجلات في كل محكمة من المحاكم فكتبوا عن تلك السجلات وأهميتها في دراسة التاريخ الاجتماعي والاقتصادي العربي الحديث كما اعتمد في بحوثهم ومؤلفاتهم ورسائلهم الجامعية.

أهمية السجلات:

تعد سجلات محكمة غريان الشرعية من المصادر الهامة التي لم يكشف النقاب عنها الي الان والتي يصعب علي الدارس حصرهاـــــ باستثناء السجلات التي درست ـــ حيث بلغ عددها حوالي عشر سجلات. باستثناء السجلات التي تعرضت للتلف، والتي يصعب علي الباحث الاستفادة منها، بدليل أنه لم أجد خلال بحثي في المحكمة ذاتها سجلات شملت فترات زمنية سبقت سنة 1925م.

ترجع الصناعية التقليدية في الجبل الغربي في اغلبها الئ عهود قديمة يمكن ان نعدها عمقا تاريخيا و تراثا لها و مما يميز تلك الصناعات انها يدوية يصنعها الرجال و النساء من الخامات المحلية التي يجود بها الجبل آنذاك

تعد الزراعة المصدر الرئيس الحياة سكان منطقة الجبل الغربي لا عتمادها على المياه الساقطة من الأمطار في فصلي الشتاء والربيع كما كان وقتها متقلب تتحكم فيها وفرة المياه و قلتها ومدى اهتمام الولاة العثمانيين بها في مساعدة الأهالي على النشاط الزراعي حيث شهد العهد العثماني الثاني نقلة مهمة في إصدار بعض القوانين التي كان لها اثرها الإيجابي للنهوض بهذا النشاط

شكلت الأرض دورآ مهما في حياة السكان المعيشية في استغلالها الزارعة حيث تعد نسبة الأراضي الزراعية في ليبيا حوالي 5%وهي مرتبطة بالنمط المعيشي القبلي وقد ازدادت اهمية الأرض مع المتغيرات المهمة التي وقعت بالولاية بعد عودة الحكم العثماني المباشر خلال القرن التاسع عشر ويظهر هذا كم خلال القوانين الصادرة في تلك الفترة والتي تم فيها وتحديد الحيازات الزراعية أي تلك التي فرضت عليها الضرائب و الرسوم على الإنتاج الزراعي

إذا كانت إيطاليا قد استطاعت القضاء على حركة المقاومة الليبية بإعدام شيخ الشهداء عمر المختار في 1931/9/16م فإن الحراك السياسي الليبيين الم يتوقف من المهاجرين الليبيين في مصر و سوريتآ و تونس رغم كل الجهود التي بذلتها إيطاليا من أجل تضييق الخناق عليهم و خصوصآ في مصر

إن الحالة الصحية لأي مجتمع من المجتمعات تتاثر با لأوضاع السياسية و الأقتصادية و الثقافية و الأجتماعية السائد في المجتمع خلال فترة زمنية معينة

تعكس الحياة الاجتماعية الصورة الحقيقية التي تعيشها منطقة ما، ذلك لأنها عبارة عن محصلة تضافر عوامل اقتصادية ، وسياسية وجغرافية وغيرها.

وبلا شك فإن دراسة الأوضاع الاجتماعية ضمن منظور تاريخي هي مهمة شاقة وتنطوي علي معوقات لا حصر لها لندرة المعلومات وقلتها، لكنها في الوقت ذاته مفيدة جدا لكونها تقدم لنا فهما أفضل لتاريخ اية أمة أو شعب، ومن هذا المنطلق الاتي محاولة دراسة الحياة الأسرية في العهد الإيطالي باعتبارها نواة الحياة الاجتماعية، لغرض كشف النقاب عن نمط حياتها اليومية والمشاكل الاي واجهتها، وتأثير العوامل المختلفة عليها، وتستعرض الباحثة أهم ما تحويه السجلات موضوع دراستنا من معلومات تخص الحياة الأسرية، مقسمين ذلك الي اربعة أجزاء، أولها الزواج وتجهيزاته، وثانيها الطلاق وآثاره، وثالثها بعض الظواهر الاجتماعية الاخرى وتأثيرها علي الحياة الأسرية ورابعها بعض العادات والتقاليد المتبعة في الأفراح والمآتم.

تتضمن سجلات محكمة غريان الشرعية قيد الدراسة ،العديد من القضايا التي طرحت أمام القاضي حول الزراعة، توضح أن زراعة أشجار الزيتون تمثل العمود الفقري لحياة السكان في المدينة المذكورة أعلاه